تحزيب القرآن بالسُوَر

المقالات والبحوث

أ.إبراهيم بن عبد الله الغامدي

كاتب و باحث

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..

فقد كان من عادة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون لهم وِرد من القرآن يسمونه «حزبًا»، وكان من عادتهم أنهم يحزّبون القرآن حسب السُوَر؛ فعَنْ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ؟ قَالُوا: «ثَلَاثٌ، وَخَمْسٌ، وَسَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ وَحْدَهُ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (انظر جدول 2)

وإنما كان التحزيب بالأجزاء المعروفة الآن بأمر «الحجاج بن يوسف»، كما قال «شيخ الإسلام ابن تيمية»: «وروي أن الحجاج أمَرَ بذلك. ومن العراق فشا ذلك، ولم يكن أهل المدينة يعرفون ذلك». الفتاوى 13/415

وقال د.عبدالعزيز الحربي: «التحزيب بالأجزاء روعي فيها الحروف ، ولم يراع في بدايتها ونهايتها المعنى، فيفصل بين الأحكام المترابطة، والقصة الواحدة، والمعاني المؤتلفة. وإنما كان التحزيب بالأجزاء من فعل الحجاج بن يوسف ومن معه، راعوا في ذلك الحروف، ولم يراعوا المعاني، وتحزيب الصحابة كان بالسور». تحزيب القرآن/140

وقد امتدح «شيخ الإسلام ابن تيمية» تحزيب الصحابة بالسُوَر: «وهذا الذي كان عليه الصحابة هو الأحسن؛ فإن هذه التحزيبات المحدثة -يعني التحزيب بالأجزاء والأحزاب والأرباع- تتضمن دائمًا الوقوف على بعض الكلام المتصل بما بعده».

ثم اقترح رحمه الله تحزيبًا للقرآن في تسعة وعشرين يومًا مع مراعاة السُوَر، وليس الأجزاء، اقتداء بالصحابة رضي الله عنهم. فقال: «وأما البقرة.. فيقسمها حزبين للحاجة؛ لأن التحزيب لا بد أن يكون متقاربًا.. وعلى هذا فإلى الأعراف سبعة أجزاء، والأنفال جزء، وبراءة جزء.. وأما يونس وهود فجزءان.. ويوسف والرعد جزء، وكذلك إبراهيم والحجر، وكذلك النحل وسبحان، وكذلك الكهف ومريم، وكذلك طه والأنبياء، وكذلك الحج والمؤمنون، وكذلك النور والفرقان، وكذلك ذات ﴿طس﴾ الشعراء والنمل والقصص، وذات ﴿الم﴾ العنكبوت والروم ولقمان والسجدة جزء، والأحزاب وسبأ وفاطر جزء، ويس والصافات وص جزء، والزمر وغافر وحم السجدة جزء والخمس البواقي من (آل حم )جزء.. ثم القتال والفتح والحجرات وق والذاريات جزء. ثم الأربعة الأجزاء المعروفة. وهذا تحزيب مناسب مشابه لتحزيب الصحابة رضي الله عنهم وهو مقارب لتحزيب الحروف.. والله أعلم». الفتاوى 13/415

وفي الجدول (1)؛ وضعت تحزيب «شيخ الإسلام ابن تيمية» رحمه الله على تسعة وعشرين يومًا كما أراد، فهو الأفضل لمراعاة الشهور التي تنقص أيامها عن ثلاثين يومًا.

وفي الجدول (2)؛ وضعت تحزيب الصحابة على سبعة أيام، فيختم القارئ أربع ختمات في الشهر.

وفي الجدول (3)؛ وضعت تحزيب القرآن على أسبوعين، فيختم القارئ مرتين في الشهر.

وفي الجدول (4)؛ وضعت تحزيب القرآن على أربعة أسابيع، فيختم القارئ مرة في الشهر.

وميزة هذا التحزيب المعتمد على الأسابيع؛ أن القارئ لا يرتبط فيه بالشهر، ولا بالتاريخ، ولا يضطر أن يزيد من وِرْده إذا نقص الشهر عن ثلاثين يومًا. جعلني الله وإياكم من أهل القرآن. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم